مصطفى رمو؛ مسيرة حافلة بالعطاء لاعباً ومدرباً
مصطفى
رمو؛ مسيرة حافلة بالعطاء لاعباً ومدرباً
بطل من الوزن الثقيل، التحق برياضة رفع الأثقال منذ سن مبكرة، ليحمل
اللعبة على كاهله لاعباً ومدرباً. وتمكن خلال فترة قصيرة من تحقيق الكثير من
الألقاب داخل وخارج بلده. عاد بعد تحرير منبج وريفها ليؤسس نادي منبج الرياضي لرفع
الأثقال الذي ما يزال معلماً رئيسياً ومصنعاً لنجوم اللعبة الحديدية، وخزينة غنية
بألوان المجد القادمة في كل المحافل الرياضية.
على الدوام يشار بالبنان إليه، بما يملك من العزيمة والإصرار
والتحدي، لما حققه من إنجازات رياضية في رياضة الأثقال السورية؛ انطلاقاً من منبج
التي لطالما بادلها كل الحب والتقدير. وبهذا الصدد، أجرت صحيفتنا"
روناهي" حواراً مع البطل الدولي السابق والمدرب السوري في رياضة رفع الأثقال
البطل الحديدي؛ مصطفى رمو الذي فتح قلبه وسرد العديد من محطات مشواره الرياضي،
وقصة كفاحه وعشقه وآماله مع أبنائه النجوم في لعبة أكسبت سورية الذهب في كل مكان.
في البداية، نرحب بك في صحيفتنا"
روناهي"، وهل باستطاعتك تعريف الجمهور الرياضي بقصتك مع رياضة رفع الأثقال؟
مرحبا بك وبصحيفتكم الموقرة وكامل محبتي لقراء الصحيفة المميزة.
بالطبع، أنا من مواليد مدينة في عام 1985م ومارست لعبة رفع الأثقال بسن صغيرة جداً
حين كنت أدرس الابتدائية، وشدني إليها بما تزخر به من كنوز ذهبية لخيرة اللاعبين
السوريين الذين كانوا من منبج وريفها. وكانت الانطلاقة الأولى من غرفة منزلنا إذ
كان يحلو لي أحياناً أن أحمل الأشياء أياً كان حجمها بطرق مختلفة. كما كان لتشجيع
زملائي في ذلك الوقت حظ وافر من ذلك، لأنني كنت أمتلك قوة وتصميماً وإرادة تختلف
عن بقية الآخرين. لكن من المفيد القول، إن اللعبة الشعبية في العالم، هي بلا أدنى
شك كرة القدم، لكن في مدينة منبج وريفها، فالحال يختلف تماماً، فاللعبة الأولى، هي
رفع الأثقال، خاصة وكان إلهامي لاستكمال مسيرتي الرياضية، أبطال اللعبة المخضرمين
الكبار في رفع الأثقال أمثال؛ محمود السلال وطلال نجار.
متى كانت نقطة الانطلاق نحو الألقاب و
وكيف كان أثرها على مسيرتك مع اللعبة؟ وما هي البطولة الأغلى على قلبك؟
كانت البدايات قاسية وشاقة ومليئة بالإصرار والتضحية، حيث باشرت
التدريب تحت إشراف المدرب وليد شيخ سمعو رحمه الله. وكان يدفعني الأمل أن أحقق
أرقاماً كبيرة لمدينة منبج وريفها، الأمر الذي زاد من رغبتي في الإقبال على
التدريب لمدة ثلاثة سنوات خلت. أما انطلاقتي الحقيقية الأولى ، فقد بدأت في سن
الخامسة عشر بتحقيق أول بطولة لي على مستوى السوري، وهي التتويج بلقب بطل
الجمهورية لثلاثة أعوام متتالية بين عامي 2000-2002م، ومن ثم تمت دعوتي للمشاركة
في المنتخب السوري في العام 2003م، وفي ذات العام حصدت على ثلاثة ذهبيات في بطولة
العرب التي أقيمت في سوريا. كانت لحظات سعيدة حين تغمرك النشوة وروح الانتصار وأنت
على منصة التتويج، حيث شعورك لا يوصف ولا
يقدر بأي ثمن، ولعل البطولات الأولى، بالطبع، هي الأغلى في حياتي؛ لأنها وضعتني
أمام خيار صناعة تاريخي الرياضي الخاص بهذه اللعبة الصعبة.
هناك علامة فارقة وتميز واضح في مجال
التدريب في عهد الإدارة المدنية الديمقراطية في منبج وريفها، فهل تحدثنا عن
مسيرتك؛ كمدرب لرفع الأثقال في مدينة منبج وريفها في الوقت الراهن؟
بالطبع، عدت من دمشق إلى منبج مع بدء تحريرها من مرتزقة داعش، وعلى
الفور عملت على تأهيل صالة الألعاب الفردية الواقعة على طريق جرابلس. كانت لحظات
صعبة بالتأكيد أن تعيد ترميمها من جديد بعد الخراب الذي لحق بها. فاجتمعت مع اتحاد
الرياضي لمناقشة هذا الأمر، ومن ثم تمت مناقشته في هيئة الشباب والرياضة في مدينة
منبج وريفها التي بدورها رفعت هذا الطرح على المجلس التنفيذي الذي وافق بدون أي
تردد. وبالفعل، تم افتتاحها مجدداً وعملت في تلك الآونة على تشكيل نادي منبج لرفع
الأثقال على مدى ثلاثة سنوات متواصلة. ولذلك قمنا بجمع الفئة الشابة الموهوبين
الذين يمتلكون البنية القوية والإرادة الصلبة، وانطلقنا بجهود شخصية، مع توفير دعم
مادي مقبول إلى حد ما من الاتحاد الرياضي.
لا شك كانت لك بصمة واضحة على أثر
مشاركتك في كادر الاتحاد الرياضي، بصفة رئيس الألعاب الفردية، فكيف تنظر إلى هذه
التجربة؟
هناك دافع فطري يجعل من الرياضي يقبل إقبالاً واضحاً لترك بصمته في
تاريخ المسيرة الرياضية، بما يضفيه من قدوة للشباب للإقبال على ممارسة الرياضات.
وبناء على ما سبق، تم تكليفي من قبل الاتحاد الرياضي في منبج ريفها؛ بتولي رئاسة
الألعاب الفردية وتشمل" رفع الأثقال وقوى بدنية وتايكواندو وكاراتيه وبين بون
وشطرنج". واستطعنا خلال فترة قصيرة من بناء قاعدة كبيرة من الرياضيين على
الرغم من الإمكانات البسيطة لصناعة نجوم كبار ليس على مستوى المحلي في منبج وريفها،
بل على مستوى شمال وشرق سوريا والقارة الآسيوية والعالم. لا شك هذا أمر جميل
للغاية، أن تستكمل مسيرة العطاء التي كنت قد قطعت منها شطراً؛ كلاعب رياضي وشطراً
آخر وأنت كمدرب أيضاً.
كيف أثرت الحرب على سورية منذ تسع
سنوات في رياضة رفع الأثقال خاصة، والرياضة السورية بشكل عام؟
أثرت الحرب بشكل كبير على أنشطة رفع الأثقال على الأخص وعلى الرياضة
بشكل أعم؛ بسبب فقدان مقومات ممارسة الرياضة، خاصة في فترة ما يسمى بالجيش الوطني
ومرتزقة داعش. وبالرغم من ذلك، هناك مساحة من التدريب في نطاقات ضيقة وكان البعض يزاولها
دون انقطاع في الحرب أو السلم. أما الآن، فانتشار جائحة كورونا أثرت على إقامة
البطولات المحلية التي كنا بصدد إقامة عدد من الفعاليات لتشجيع الرياضيين على
تحقيق إنجازات كبيرة. الجانب الأهم في هذا الميدان، ن لعبة رفع الأثقال غير منتشرة
في مناطق شمال وشرق سوريا سوى في مدينة منبج وريفها، وهذا الأمر يعيق من تمثيل
منبج وريفها في المشاركات الخارجية. ومن منبركم
الإعلامي الكريم، أنا جاهز للعمل على نشر هذه اللعبة في أي منطقة من سوريا.
كيف ترى مستقبل لعبة رفع الأثقال في
سورية؟
أعتقد أن مستقبل لعبة الأثقال بخير، وأراه مزدهراً بإذن الله، وستكون
هناك قفزة نوعية في غضون الفترة القادمة، ولا سيما فيما يخص لعبة رفع الأثقال
السورية والسبب هو تضافر جهود الاتحاد الرياضي في مدينة منبج وريفها للنهوض بواقع
الرياضة والإسهام في رقيها في كافة المجالات. لكن لابد من القول أن هناك مطالبات
نود إيصالها إلى الجهات المختصة، أهمها أن الرياضة تحتاج للدعم المادي لتأمين
مستلزمات اللعبة وأدواتها لضمان حد أدنى من الاستقرار المعنوي للاعبين، وهو الأمر
الذي لا يصل الآن إلى الدعم الضئيل. وجلياً أن نذكر أن الرياضة في مختلف دول
العالم، وصلت إلى مستوى الاحتراف، وهذا يعني أن نطبقه في رياضتنا في شمال وشرق
سوريا، خاصة إذا كنا نتحدث عن رياضة رفع الأثقال لها رموزها الذهبية الذين سطروا
مجدهم الذهبي في كل المحافل الدولية بكل فخر واستحقاق.
هل نال البطل مصطفى رمو حقه من
التكريم، وما هي اللحظة الأسعد في حياتك؟
لاشك أن التكريم قد يكون مطلوباً للاحتفاء بكل مراحل الانتصارات التي
حققها الإنسان في حياته لكن أفضل تكريم، هو رضا الرياضي عن ذلك العطاء. وربما ما
من شك مشاركتي في عام 2004م وحصولي على ثلاث ميداليات فضية في بطولة بالجزائر، وفي
نفس العام حصلت على برونزية آسيا للشباب، كما كان هناك مشاركة في بطولة غرب آسيا
في عام 2005 م، وفي عام 2006م كانت هناك مشاركة في بطولة الأندية العربية، وفي عام
2007م كانت هناك مشاركة في بطولة الأندية الآسيوية، وفي عام 2008م بطل العرب في
ليبيا، وفي العام 2009 بطل بطولة البحر الأبيض المتوسط في بيسكارا بإيطاليا. وفي
العام 2010م بطولة العرب، وفي العام 2011م بطولة العرب في مصر، وفي العام 2012م
بطولة البحر الأبيض المتوسط بمرسين في تركيا، كلها تؤكد شيئاً واحداً أن لا حدود
ولا ضفاف لسكة الانتصارات إذا كانت هناك ثمة إرادة وتصميم كبيرين، وبالطبع، أنا
راض عن مسيرتي الرياضية، غير أن الإصابة منعتني من المشاركة في الأولمبياد في ذلك
الوقت. أما الشق الثاني من السؤال، فأقوم حالياً برئاسة الألعاب الفردية في
الاتحاد الرياضي وهذا يدعوني للقيام بواجباتي تجاه الرياضة والرياضيين، كما أقوم
بتدريب منتخب منبج في حصة اللياقة البدنية، كما وأقوم مساء بافتتاح صالة الألعاب
الفردية لتدريب اللاعبين، وهذا يعني أني أقضي أغلب حياتي اليومية ضمن كواليس
الرياضة لمدة 11 ساعة.
ما هي الرسالة التي توجهها عبر صحيفتنا لعشاق
رياضة رفع الأثقال؟
لا ريب أن الابتعاد عن الغرور والسهر والتدخين والمنشطات، والالتزام
بتعليمات وتوجيهات المدرب، وأن يتحلى عشاق رفع الأثقال بالأخلاق العالية، وأن
يكونوا متواضعين وإنسانيين في تعاملهم مع الاخرين. إن ممارسة رياضة رفع الأثقال
تعني الصبر والتحمل، وهي الأكثر من غيرها التي تعتمد في جوهرها على الأخلاق. أما الرياضي
في رفع الأثقال الراغب في الحصول على الإنجازات في منصات التتويج، فأنصحه بمتابعة
التمرين دون انقطاع وبشكل مكثف.
ليست هناك تعليقات